* إلغاء الخلع واعتبار عشرات الآلاف من المتزوجات "زانيات" ينتظرن الجلد والإعادة قسرا لمن طلقن منهم!!
مسكينة المرأة الأفغانية حين تقع تحت وطأة سلطة جاهلة بالدين ومشوهة له، مسكينة المرأة الافغانية حين تعيش وسط مجتمع ذكورى قاس لايعطى أى اعتبار لآدمية المرأة ولامشاعرها. مجتمع حرمها أبسط حقوقها فى التعليم وفى العمل وحتى فى حقها فى التنزه، أصبحت تعيش فى سجن كبير يعدون عليها أنفاسها، وهاهى لطمة جديدة توجهها حكومة طالبان للمرأة الأفغانية فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية بمصادرة حقها فى الحصول على الطلاق "بالخلع"، وهو ما كانت قد اكتسبته من قبل فى الحكومة السابقة فى حالة شكوى المرأة من سوء معاملة زوجها لها بسبب إدمانه المخدرات. فقد غيرت طالبان قانون الاحوال الشخصية وقامت بإلغاء الطلاق بالخلع وجعلت شرط اتمام الطلاق فى وجود الطرفين. ومما زاد الأمر سوءا أن طالبان أصدرت قرارها هذا بأثر رجعى، واعتبرت حالات الطلاق التى تمت من قبل عودتها للسلطة مرة أخرى ملغاة لمخالفتها الشريعة الاسلامية من وجهة نظرها!! لأن الطلاق يلزمه وجود الطرفين، وهو ما أكده المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد أنه "وفقا للشريعة الاسلامية يلزم حضور الطرفين أمام المحكمة للحصول على الطلاق ويعتبر الطلاق من طرف واحد باطلا" وبالتالى أى امرأة حصلت على الطلاق امام القاضى، ودون العودة للزوج خلال الحكومة السابقة يعتبر ملغيا، وبالتالى لايحق لها الزواج من شخص آخر وفى حالة زواجها من رجل آخر فيعد زنا ويقام عليها الحد بالجلد.
أنه لأمر محزن يدمى القلوب .. أن تتمادى طالبان فى سياسة قمعها للنساء الافغانيات مخالفة كل اتفاقيات الأمم المتحدة ضاربة بوعودها عرض الحائط، ففى الوقت الذى يحتفل فيه العالم باليوم العالمى للمرأة يوم 9 مارس تنتظر عشرات الأفغانيات تنفيذ أحكام بالجلد بتهمة الزنا، كما ينتظرهن مزيد من العنف المنزلى من قبل الازواج مع تعذر حصولهن على الطلاق، خاصة فى ظل انتشار المخدرات وإدمان الأزواج الأفغان لها، ومع تعذر اثبات هذا العنف خلف الأبواب المغلقة، وفى ظل الزواج القسرى والذى ارتفعت نسبته من 70 الى 80 % حيث يتم تزويجهن قبل سن السادسة عشر.
ومن الطبيعى أن يكون لتلك القرارات بشأن تغيير قانون الاحوال الشخصية ومنها إلغاء الخلع وفقا لمفاهيم طالبان المتشددة، ردود فعل سيئة على النساء الأفغانيات اللاتى سبق أن حصلن على الطلاق قبل عودة طالبان للسلطة، حيث يتعرضن حاليا للمطاردة من أزواجهن السابقين للانتقام منهن، وقد قدر القضاة والمحامون أن آلاف النساء الافغانيات اللاتى حصلن على الطلاق دون موافقة الزوج يتعرضن الآن للخطر، فى ظل حكم طالبان ويواجهن أما السجن أو تطبيق عقوبة الزنا أو العودة لأزواجهن السابقين الذين سيسيئون إليهن انتقاما منهن. فكما ورد على لسان أحد المحاميات "أن طالبان أوجدت الوضع المثالى لهؤلاء الأزواج السابقين للانتقام من زوجاتهن لتفقد المحاكم فاعليتها حتى أصبحنا نرى فى الأخبار أن النساء يتلقين جلدا"علنيا" بتهمة الزنا.
أنه لأمر محزن أنه فى الوقت الذى يحتفل العالم كله باليوم العالمى للمرأة وما حققته من انجازات فى نضالها للحصول على حقوقها، لاتجد المرأة الافغانية أمامها مخرجا لحياتها المدمرة فى ظل حكومة متعسفة جاهلة الا طريقين : أولهما : الهروب خوفا من تطبيق عقوبة الزنا أو خوفا من انتقام أزواجهن منهن، والثانى: الانتحار هربا من العنف المنزلى، والذى اتوقع زيادة نسبته مرة أخرى بعد أن عادت طالبان لتطبيق مزيد من القوانين لقمع النساء ليس فقط فى حرمانها من حقها فى التعليم والعمل ولكن حتى فى حقها فى الطلاق.
وتعد افغانستان من الاماكن التى ترتفع فيها معدلات الانتحار بين النساء والذى بلغت نسبته نحو 80% والتى أرجعها علماء النفس الى العنف المنزلى الذى لايمكن إثباته خلف الأبواب المغلقة، كما كشفت ذلك أيضا منظمة الحقوق العالمية وحسب بعثة الأمم المتحدة فان تسع من كل عشر نساء يقعن ضحايا العنف الجسدى والجنسى والنفسى من جانب أزواجهن. وهاهى حالات الانتحار تعود مرة أخرى بعد عودة طالبان للسلطة وقد ذكرت المحامية الأفغانية جميلة الناصرى من منظمة ميدكا أفغانستان أن الوضع يزداد سوءا فى أفغانستان فهناك العشرات من النساء يطلبن السكن فى الملاجئ هربا من العنف المنزلى من أزواجهن الذين يسيئون معاملتهن فما بال الوضع بعد تعذر حصولهن على الطلاق بعد تغيير طالبان لقوانين الأحوال الشخصية وسلب حق المرأة فى الحصول على الطلاق.
وللأسف يزداد الأمر سوءا مع إلغاء طالبان لكل مجموعات الاغاثة المحلية التى تساعد النساء الأفغانيات لتوفر لهن المأوى وتقديم المشورة وايجاد حل لمشاكلهن، كما منعت النساء من تولى العديد من الوظائف فى النظام القضائى وتولي منصب قاضية، مما يجعل من الصعب على النساء اللاتى يتعرضن للعنف المنزلي طلب أى مساعدات قانونية، لأنهن يفضلن التعامل مع محامية وقاضية عند التحدث عن أزواجهن السيئين. كما وضعت طالبان العراقيل أمام النساء لاثبات العنف المنزلى بـأن يتعين عليهن أولا الذهاب الى مركز الشرطة وتقديم شهود متعددين لاثبات سوء المعاملة، ويتعذر ذلك لأن الجرائم تحدث خلف الأبواب المغلقة.
"حسبى الله ونعم الوكيل"
----------------------------------
بقلم: هدى مكاوى